الفنانة الخلوقة والمبدعة أصيل هميم تخطت كل ما هو مألوف من نجاح في عالمنا العربي، تجاوزت بشهرتها الجماهيرية كل مطربات الوطن العربي قديما وحاضرا، بالملايين التي تمتلكها لكل أغنية تصدرها هي الأولى دون أي منازع بلغة الأرقام، مليارديرية إن أمكن القول لما بحوزتها من أعداد مشاهدات في موقع اليوتيوب.
الفنانة أصيل هميم، التي أصبح اسمها يستدعي معه الكلمة الراقية واللحن الجميل. فأغانيها تسكن وجدان الجمهور ولا تخرج أبدا، بل إن عدد مشاهدات أعمالها في ازدياد مستمر، حتى تلك التي مضت عليها أعوام.
اختارت هميم منذ بدايتها طريقا بعيدا عن ذلك الذي كان قاعدة ملزمة لانطلاق أي مغنية عربية، لم تهتم بالصورة إطلاقا، لم يجذبها عالم “الفيديو كليب”، بل على العكس وضعت جلّ اهتمامها على الصوت فقط، بحثت عن الكلمة الجديدة واللحن الأصيل كما هو اسمها. هي تبحث دوما عن الأصالة في الفن الذي تقدمه، وأغانيها أصبحت أناشيد يرددها جمهورها العربي الممتد من المحيط إلى الخليج.
“سر الحياة” أغنية تتخطى التوقعات بجذبها للملايين خلال أيام قليلة من طرحها، والآن حصدت أكثر من 177 مليون مشاهدة في خمسة أشهر، وهو ما لم تفعله أي مطربة عربية قبل أصيل
صوت أصيل جديد على الساحة العربية، لا يشبه ما سبقه ولا ما هو موجود حاليا من خامات الأصوات، ما يجعلها بعيدة عن أن تقارن بأي مطربة عربية. تعيش في زاوية منفردة متألقة، حتى أن أسلوب أغانيها لا يشبه الأنماط المعروفة في العالم العربي، صحيح أنها لا تمتلك عددا كبيرا من الأعمال، ولكن ما لديها جعلها في المقدمة، خليجيا وعربيا مع أنها لم تخرج من عباءتها العراقية الأصيلة.
ولدت أصيل في بغداد عام 1984 ضمن عائلة فنية معروفة جدا في الوسط العراقي، فهي ابنة الموسيقار كريم هميم الذي نشأ، هو الآخر، في بيت يحب الشعر والفن والثقافة، فوالده مختار محلة جميلة في بغداد الراحل الحاج هميم داود، وكان يمثل الواجهة الاجتماعية والشخصية الأكثر تقديرا من قبل أهالي المحلة في ذلك الزمن.
والد أصيل عشق الموسيقى والغناء منذ صغره، وهذا ما فعله مع ابنته. عُرف بصوته الجميل وأدائه المتميز، وهذا أيضا مما ورثته ابنته عنه. اتجه إلى معهد الفنون الجميلة ببغداد، وبدعم من والده درس الغناء والعزف على آلة العود، وبعد تخرجه عُين أستاذا معيدا في معهد الفنون، ومن ثم أستاذا حتى تولى رئاسة قسم الموسيقى في المعهد لعدة سنوات.
سطع نجم كريم هميم في العراق كملحن موهوب من خلال الفرق الفنية الشبابية التي شارك في تأسيسها مع الفنان الراحل يحيى الجابري، من بعدها انتقل للعمل مع الموسيقار فاروق هلال في فرقة “النهار الجديد”. وجد فيه هلال ملحنا موهوبا يمتلك ما لا يمتلكه غيره من روعة في الجملة اللحنية ففتح الباب أمام ألحانه الفرصة من خلال برنامجه الشهير أصوات شابة، وحينها نجح كريم هميم في هذه التجربة وكانت من أبرز ألحانه “ناسيك لكن موبديه” للفنان الراحل عارف محسن، كما لحن أجمل الأغاني للفنان محمود أنور، منها “جمعتني الليالي وياك” و”يا عاشق الحلوين”، وعددا من الأغنيات للمطرب علي العيساوي، مثل “دوارة دوارة” و”بعدها ما صارت صدك ونسيتني”.
غادر الأب وعائلته العراق إلى سوريا بسبب الحرب مثل الكثير من الفنانين، وافتتح استوديوهات “الأصيل للإنتاج الفني”. سافر كثيرا في جولات عمل فنية إلى بلدان عربية أخرى، ولحن أغنية “سوف أرحل” للفنانة ميادة حناوي من كلمات الشاعر سلام قزاز، ولحن أيضا أغنية “من حقي أغار” للمطربة لطيفة التونسية، كما لحن لمطربين عرب منهم ناصر رشيد، بشار السرحان وسمية عبدالعزيز.
علم الفنان والأستاذ والأب ابنته أصيل أصول الغناء، منذ طفولتها، وكان المستشار الفني القريب دوما لكل اختياراتها الفنية، رافقته وهي طفلة في الكثير من المشاوير الفنية إلى المسارح والاستديوهات أثناء عمله كملحن، تشربت منذ طفولتها كيف يُصنع العمل الغنائي منذ اختيار الكلام واللحن وحتى إصداره للجمهور.
إطلالة أصيل الفنية الأولى تعود إلى ظهورها على شاشة “إم.بي.سي” في برنامج “نجوم العرب”، عندما قدمت أغنيتها “بلاني زمان”، وكانت ردود الفعل من قبل الجمهور مدهشة، وفوجئ الجميع بصوتها الدافئ والمليء بالأحاسيس حين غنت “طالعة من بيت أبوها”، “قلي يا حلو”، “فوق النخل” و”عمي بياع الورد”.
بعدها قرر والدها أن يضعها في تحد مباشر رفقة الكبار في بلاد الرافدين، حين عرفها على المطرب غازي الأمير، ليغنيا مجتمعين الديو المميز “ويلي ويلي”، ومن وقتها تعرف عليها الجمهور العراقي خير معرفة، وبدأت مسيرة النجاح انطلاقا من المجتمع المحلي.
اختارت أن تكون عراقية الغناء دوما، لم يجذبها الذهاب والغناء لألوان عربية أخرى، مع أن ذلك متوفر لها بالتأكيد، لسبب بسيط لأن اسمها أصبح علامة تجارية مربحة لأي عمل فني ولأي شركة إنتاج ترغب باحتضان موهبتها. تراها تحصد الملايين بسرعة البرق لأي أغنية تنشدها، حتى لو كانت الأغنية قديمة وليست لها، ويتسابق محبوها لتسجيل الأغاني من حفلاتها ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل أغنية “أنا بلياك” للمطرب العراقي ماجد المهندس.
مواهب أصيل الفنية لم تتوقف عند الغناء فقط، فهي خاضت تجربة التمثيل من أوسع الأبواب على خشبة المسرح، حيث شاركت في مسرحية ضمن إطار استعراض غنائي ممتع بعنوان “بائعة الكعك”، وهي عمل فني ضخم خاص بالأطفال.
تتمحور أحداث المسرحية حول “وردة” التي تقوم بتجسيد دورها أصيل، وهي بائعة الكعك في قرية اسمها “الحلوين” حيث يسود الاستقرار والأمان فيها، إلى حين وصول ثلاث ساحرات، في طليعتهن الفنانة الكويتية منى شداد، يسعين للحصول على قلادة ابنة الخبّاز، وهنا يتدخل أبناء القرية بقيادة السيد راضي، الذي يؤدي دوره النجم والمخرج ناصر عبدالرضا، ويتمكنون من إنقاذها.
وقد شارك أصيل في المسرحية كوكبة من نجوم الخليج، منهم فاطمة يوسف، أمينة الوكيلي، محمد أحمد، فاضل راشد وفردوس، بالإضافة إلى الفرقة الاستعراضية “جلنار” التي قدمت لوحات راقصة تحت إشراف مصمم الاستعراضات علي حمدان.
الكثير من الأوساط الخليجية الفنية أشادت بتجربة هميم التمثيلية الأولى، ورأى البعض منها أن عليها أن تستكمل مشوارها المسرحي بين الحين والآخر، وهذا يجعلها أكثر من مجرد مطربة حفلات، بل مشاركتها كممثلة في المسرح الاستعراضي لها شأن كبير وتحفر لها مكانة في التاريخ الفني، مثلما فعلت أشهر الفنانات العربيات من فيروز وصباح وغيرهما.
في كل عام هناك أغنية تحتل المرتبة الأولى، وتكون كما يقال “أغنية الموسم”، وكانت أصيل هي من حقق ذلك في العام الحالي 2019، من خلال أغنية تخطت كل التوقعات ووصلت لكل الأعمار، هي “سر الحياة”.
تلك الأغنية هي السر وراء شهرة أصيل الكبيرة، وأسرها لقلوب جماهير عربية متنوعة الجنسيات، هذه الأغنية التي كتب كلماتها الشاعر آدم، ولحنها المبدع أزهر حداد، تعتبر محطة ثبات لنجومية هميم، لأنها سبق وأن قدمت في بداية العام الحالي أغنية تخطت المئة وعشرين مليون مشاهدة على موقع اليوتيوب، هي أغنية “المفروض” التي لحنها صانع النجاحات الملحن الأول عراقيا وخليجيا علي صابر، وتحدث الكثير من النقاد والمتابعين أن أصيل لم تستطع تخطي نجاحها الكبير ذلك، وهذا ما عجز عنه الكثير من المطربين من تقديم أغنية ناجحة أخرى تتخطى “الأغنية الضاربة الأولى”.