تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة شقيقتها مملكة البحرين اليوم احتفالاتها باليوم الوطني الخمسين للمملكة، الذي يوافق 16 ديسمبر من كل عام، والذكرى الـ22 لتسلّم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين مقاليد الحكم في المملكة، وانطلاق مسيرة البناء والتنمية الحضارية في البحرين لتشمل جميع مناحي الحياة.
وتمتد جذور العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة بين الإمارات والبحرين لقرون طويلة، حيث أرسى قواعدها الصلبة القادة والآباء الأولون وبناها وعززها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراهما، وواصل نهجهما الحكيم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين.
وبهذه المناسبة العزيزة، تُقيم دولة الإمارات مجموعة من الفعاليات والأنشطة للاحتفاء باليوم الوطني الـ50 للبحرين في مراكز التسوق، وفعاليات خاصة في جناح البحرين في إكسبو 2020 دبي، وتنظيم احتفالات فنية وتراثية في القرية العالمية في دبي، واستقبال القادمين البحرينيين إلى مطارات الدولة بالزهور والأعلام البحرينية والإماراتية، وختم الجواز البحريني بخاتم خاص وسم عليه شعار «البحرين_قلب_وعين»، وكذلك إضاءة المباني الأيقونية في الإمارات بألوان علم البحرين، وتفعيل شاشات الطرق والمواصلات بشعار الاحتفال المشترك، وتزيين عدد من المعالم والمؤسسات والمواقع الشهيرة في الإمارات بألوان العلم البحريني، وذلك تعبيراً عن الأخوة المتجذرة بين الشعبين الشقيقين.
وترتبط الإمارات مع البحرين بروابط أخوية وثيقة وعلاقات مزدهرة بناءة وعلاقات أخوية عميقة وروابط وثيقة أساسها الإرث الثقافي والاجتماعي المشترك والتاريخ الواحد، فضلاً عن التطلعات والرؤى الهادفة إلى توفير الاستقرار والرخاء لشعبي البلدين، وقد أثمرت هذه العلاقات الإيجابية بين البلدين واقعاً مزدهراً للتعاون بين الإمارات والبحرين في شتى القطاعات، بما في ذلك مجالات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والاستثمار المشترك، والتنسيق والتشاور السياسي، علاوة على ما يجمع البلدين من روابط مشتركة، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي، أو في الإطارين العربي والإسلامي.
وتكتسب هذه العلاقات أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما سياسة خارجية عقلانية ومتوازنة ومعتدلة، وكونهما من النماذج الرائدة على مستوى المنطقة في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنفيذ سياسات طموحة للإصلاح والتطوير والتحديث وتكريس دولة المؤسسات والقانون، كما تتشارك دولة الإمارات ومملكة البحرين الرؤى نفسها في مختلف القضايا والملفات العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، انطلاقاً من ثوابت راسخة تدعم سيادة الأمن والسلم بالمنطقة وفي مختلف أنحاء العالم.
وقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دعائم علاقات متميزة بين الإمارات والبحرين رسمياً وشعبياً، حيث تتسم العلاقات والروابط بين دولة الإمارات ومملكة البحرين بالتعاضد التاريخي، وتعد نموذجاً راسخاً وقوياً للعلاقات بين الدول الشقيقة وحرص قيادة البلدين الشقيقين على تنمية هذه العلاقات الوطيدة في شتى المجالات، كما تشكل العلاقات الإماراتية البحرينية أحد أهم مرتكزات وحدة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقامت البحرين منذ العقد الأول من الاستقلال على رعاية عدد واسع من التحديثات التي ضمنت للمواطن البحريني النهضة على كافة الأصعدة، حيث تم اكتشاف أول بئر نفط في العام 1932 ميلادي، ليتم استثماره لاحقاً، ولكنّ البلاد قد عملت على خطة شاملة بعد الاستقلال لتنويع مصادر الدخل، التي باتت تعتمد على الاستثمار في المصارف والصناعة والزراعة والتجارة وغيرها، بعد ثورة شاملة في مجالات التنمية الاقتصادية والصحية وتطوير التعليم وغيرها من المؤسسات المهمّة، بعد أن قامت على بناء إحدى عشرة مدينة صناعية متطوّرة وبأحدث المعايير العالميّة.
وعلى الرغم من تعدد وتنوع مجالات العلاقات الإماراتية البحرينية بشكل عام، فإن البعدين السياسي والاقتصادي يحظيان بمكانة مهمة، فقد أُنشئت اللجنة العليا المشتركة في العام 2000، بهدف إيجاد آليات العمل والمشروعات المشتركة بما يحقق التكامل المنشود بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وتأتي المواقف السياسية للبلدين متطابقة دائماً إزاء القضايا الإقليمية والدولية، حيث يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية استناداً إلى عضويتهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
وشهدت اللجنة العليا المشتركة الثامنة التي عقدت بين البلدين في المنامة 30 أكتوبر 2018، توقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون الثقافي بين حكومة مملكة البحرين وحكومة دولة الإمارات، كذلك توقيع مذكرة التفاهم بين مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث بمملكة البحرين ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات، للاحتفاء بمئوية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومدينة المحرق عاصمة للثقافة الإسلامية، بهدف دعم إعادة ترميم وتأهيل عدد من البيوت التراثية بمملكة البحرين، ما يؤكد عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وحرصهما على الحفاظ على الإرث الحضاري
ويشعر الإماراتيون، وهم يشاركون البحرين في هذه الاحتفالات، أن أفراح شعب البحرين هي أفراحهم، وأعياده هي أعيادهم، وهم يعبرون عن ذلك بمشاعر عفوية صادقة ومخلصة ونابعة من القلب، وهذا ما عبرت عنه القيادة الرشيدة في رسائل التهاني الخالصة التي وجهتها إلى قيادة البحرين الشقيق، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عندما قال إن «البحرين قلب الخليج العربي هوية وتاريخاً وجغرافيا، وستبقى بإذن الله، وشعب البحرين وأبناؤه هم أهلنا وأبناؤنا، كانوا كذلك، وسيبقون بإذن الله».
كما أكد هذا المعنى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال تهنئة البحرين في وقت سابق: «أهنئ أخي حمد بن عيسى وأهلنا في البحرین الشقيقة بمناسبة الیوم الوطني، نشارك مملكة الخیر والمحبة أفراحھا الوطنیة ونسأله تعالى أن یدیم علیھا الخير والعزة والرفعة وتحقق لشعبها مزیداً من التقدم والازدھار».
وتدل هذه المشاعر الإماراتية الجياشة بالحب والتقدير تجاه البحرين، ليس على عمق ومتانة العلاقات التاريخية المتميِّزة التي تربط الإمارات بالمملكة فقط، بل تجسد قوة هذه العلاقات بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين، والمستوى المتطور الذي وصلا إليه من التعاون المشترك والبنّاء.
كما شكلت العلاقات الإماراتيةـ البحرينية أحد أهم مرتكزات الوحدة الخليجية من حيث التفاهم الكبير بين القيادة الإماراتية والبحرينية حول مختلف القضايا الإقليمية والعالمية والحرص الكبير من القيادتين على تنمية العلاقات في كافة القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لما فيه مصلحة الشعبين والتكامل بين البلدين في ظل ما يمتلكانه من ثقل سياسي ودور ريادي يعزز الاستقرار الإقليمي.
تحرص القوات المسلحة الإماراتية بجميع وحداتها العسكرية وقوة دفاع البحرين على إجراء سلسلة من التمارين التعبوية المشتركة بصورة سنوية للارتقاء بمستويات الأداء القتالي للقوات المسلحة ودعم القدرة الدفاعية لدول مجلس التعاون لما فيه خير وصالح شعوبها. وهناك العديد من أوجه التعاون الأمني والعسكري بين البلدين في إطار مجلس التعاون الخليجي، في مجالات تطوير القوى العسكرية الدفاعية، وإقرار الاستراتيجية الأمنية الخليجية الشاملة، ومكافحة التطرف والإرهاب، إلى جانب التنسيق في مجال مكافحة غسيل الأموال والدفاع المدني، وغيرها من المجالات.