حققت دولة الإمارات العربية المتحدة قفزات نوعية في شتى المجالات في الخمسين عاماً الماضية، وباتت تمتلك تجربة ملهمة للعالم أجمع، من خلال رؤية تتسم بالمرونة والتخطيط الاستباقي وتحويل التحديات إلى فرص وإيجاد الحلول المبتكرة لتحديات العمل، وقيادة تعشق القمم ولا تعرف المستحيل، رسخت نهجاً جديداً في مفهوم العمل الحكومي، لتصبح الدولة مدرسة متفردة في صناعة القادة، وصناعة الأمل واستشراف المستقبل، وغدت الإمارات بيت خبرة عالمياً في العمل والتميز الحكومي، تستفيد منه الحكومات.
وانتقلت الدولة من مرحلة البناء على الإنجازات والاستشراف إلــى مرحلة جديدة فــي العمـل عنوانهـا «مضاعفة الجهود والإنجازات 10 أضعاف» لصناعة المستقبل، وتصدر مؤشرات التنافسية العالمية التي تتطلب التكاثف والعمل بروح الفريق الواحد تحقيقاً لتطلعات القيادة الرشيدة في معانقة قمم جديدة، لتكون الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في عام 2071.
خير ترجمة لخريطة الطريق للخمسين عاماً المقبلة لمسيرة الدولة قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في ختام أعمال «خلوة الخمسين»: «الذي لا يستطيع مضاعفة جهده وإنجازاته 10 أضعاف لن يكون ضمن فريقنا الحكومي في الفترة المقبلة».
كلمات سموه تجسد طموحات القيادة للارتقاء بالعمل الحكومي لضمان استدامة مسيرة الازدهار وجعل الإمارات تحتل مركز الصدارة عالمياً في المجالات كافة.
فسموه قائد ملهم تخرج في مدرسة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويعد سموه رمزاً لأبناء الوطن والأجيال، يسابق الزمن لتحقيق النهضة والتطوير للإمارات، وحرص سموه على خلق نموذج فذ للقيادة له رؤيته التي تلامس الواقع وتستشرف آفاق المستقبل وتحقق الآمال والطموحات للأجيال المقبلة، من خلال رؤية استثنائية تواصل العمل الدؤوب لتحقيق طموحات شعبه وإسعاد مواطنيه، لقائد سيتوقف التاريخ طويلاً أمام إنجازاته وعطائه وعمله الدؤوب مستهدفاً رفعة الوطن والمواطن.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله في رسالة شكر وجهها سموه إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «قليلون من يعرفون أنه يعمل 18 ساعة في اليوم من أجل الإمارات.. قليلون من يعرفون أن مدة إجازته في العام لا تتعدى الأسبوع..
قليلون من يعرفون أن عشرات الملايين من الأطفال حول العالم يستفيدون من خيره وعطائه الذي يقدمه بهدوء ومن دون أي ضجيج.. قليلون من يرونه يسهر ليلاً مع جنودنا المرابطين.. ويراجع خطط التنمية نهاراً مع الخبراء والمسؤولين.. لتأمين مستقبل بلدنا لعشرات السنين».
استطاع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن يصنع نموذجاً فريداً في القيادة والبناء والاستثمار في الكوادر الوطنية ورفع سقف التحدي والطموح وزرع ثقافة اللامستحيل لدى أبناء الإمارات واليوم تقطف الدولة ثمار هذا الغرس لتصبح في صلب خريطة التفوق والتميز العالمي متصدرة العديد من المؤشرات العالمية في مختلف المجالات.
يواصل سموه تلبية تطلعاتهم وترسيخ التميز والابتكار في العمل الحكومي والمؤسسي، واستثمار الموارد بالشكل الأمثل، لدفع عجلة التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية في القطاعات كافة، بما يحقق الريادة لدولة الإمارات وسعيها الحثيث لتكون أبرز المجتمعات الرائدة عالمياً.
يحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد على الاستثمار في ركيزتين أساسيتين، العلم، والكوادر الوطنية النوعية المتميزة، التي ستقود البلاد في المراحل المقبلة، وتصب توجهات ومبادرات سموه في تسليح أبناء الإمارات بالمعرفة وتوظيف معطيات العصر من ذكاء اصطناعي وأحدث التكنولوجيا لتحقيق ما تصبو إليه الدولة في مسيرتها التنافسية العالمية.
ويحث سموه دائماً على تطوير منظومة العمل الحكومي والعمل بروح الفريق وتحسين الأداء لمواكبة أحدث الأنظمة العالمية وتطوير الخدمات الحكومية بما يحقق التميز والكفاءة في الأداء.
النموذج الإماراتي في القيادة لفت أنظار العالم، إذ تحرص قيادة الإمارات على صناعة قيادات ستكمل مرحلة البناء والقيادة نحو العالمية، وتفتح الدولة الباب للأفكار الجديدة والتجارب غير المسبوقة، وتثبت الإمارات في تجربتها التنموية أن المستحيل كلمة لا مكان لها في قاموس الدولة وتعمل القيادة الرشيدة على حشد كل الإمكانات والخبرات لمتابعة مسيرة النهوض والسير قدماً على مسار التنمية المتسارع لتصدر السباق نحو المستقبل.
تتقاطع هذه الرؤية مع الخبراء العالميين في التطوير واستشراف المستقبل لتحقيق الأهداف والنجاح، ففي كتاب «القاعدة x10» للكاتب: جرانت كاردون: الرئيس التنفيذي لشركة CardoneCapital ومتحدث دولي ورائد أعمال، يتناول الكاتب قاعدة x10 ويقول:
هي الشيء الوحيد الذي سيضمن لك ما تريد، إذ تعتمد هذه القاعدة على قيم مقدار الجهد والتفكير المطلوبين لتحقيق أي شيء بنجاح، ويرى أن الجزء الثاني من القاعدة هو تعديل التفكير بحيث نجرؤ على الحلم بمستويات لم يكن تخيلها من قبل عشرة أضعاف مقدار النشاط ومقدار الجهد هو ما يجعل الشخص ناجحاً.
ويشير الكاتب إلى أنه يجب أن تحدد أهدافاً تعادل 10 أضعاف ما تعتقد أنك تريده ثم تلتزم عشرة أضعاف مقدار الإجراءات التي ستتخذها لتحقيقها، كما يجب أن يتبع تفكيرك الهائل أفعالك الهائلة.
ويقدم الكاتب جرانت كاردون نصائح يجيب من خلالها عن سؤال لماذا قاعدة عشرة أضعاف أمر ضروري؟
فيقول: بمجرد أن تلتزم زيادة جهودك 10 مرات، تبدأ النتائج بالتغير ولا يكفي احتلال منطقة ما، ويجب أن تكون قادراً على الاحتفاظ بها، ولا تقلل أبداً من الهدف، بل قم بزيادة الإجراءات بدلاً من ذلك وتفترض قاعدة عشرة أضعاف أن الهدف ليس هو المشكلة أبداً، المشكلة هي التفكير والعمل، أي هدف يتم الهجوم عليه بالقدر المناسب من التفكير والعمل يمكن تحقيقه.
يرى الكاتب أن 3 أشياء مهمة يجب معرفتها عن النجاح وهي: النجاح مهم، والنجاح واجبك، ولا يوجد نقص في النجاح، ويقول: من الصعب جداً أن تفعل شيئاً إيجابياً عندما تقضي وقتك في صنع الأعذار.
والنجاح ليس شيئاً يحدث لك، إنه شيء يحدث بسببك، والأشخاص الذين يرفضون تحمل المسؤولية عادة لا يبلون بلاء حسناً في اتخاذ إجراءات جماعية وبالتالي لا يؤدون بشكل جيد في لعبة النجاح ومن ناحية أخرى، يكره الأشخاص الناجحون لعبة اللوم ويكرهون الأعذار والتفسيرات والمبررات.
ويتابع: يجب أن تتبنى الاعتقاد بأنه بغض النظر عما يحدث في حياتك، فأنت السبب الرئيس لما يحدث اتخذ الموقف القائل إن أي شيء يحدث في حياتك، يحدث بسببك، أنت سبب كل ما يحدث.
كما يرى الكاتب أن المستوى المتوسط لأي شيء سيفشل، المتوسط هو خطة فاشلة ولا يعمل في أي مجال من مجالات الحياة ويجب اتخاذ قدر غير معقول من الإجراءات التي لا هوادة فيها بمقدار 10 أضعاف والتي تعد ضرورية لرؤية الأشياء على الرغم من كونها مفقودة في معظم الأحيان في خطة العمل والاستعداد للعمل الهائل والمستمر لتحقيق مستوى النجاح الذي تريده ودراسة ما يفعله الناس العاديون ومنع النفس من فعل الشيء نفسه.
ويؤكد الكاتب أنه يجب أن تكون على استعداد لبذل كل طاقتك وجهدك وإبداعك للتميز عن الباقي في السوق الخاص بك، وتعلم السيطرة من خلال أن تكون الأول في أذهان السوق وعملائك.
ويعتقد جرانت أن الطبقة الوسطى هي الأكثر تقييداً اجتماعياً واقتصادياً في العالم، ولذلك يجب بذل جهد للانفصال عن عقلية الطبقة الوسطى من دون أي إهانة.
ويتابع: «لإنشاء الواقع الذي تريده، عليك متابعة كل إجراء بهوس حتى تتمكن من رؤيته، إن أثمن ما لديك هو طاقتك وإبداعك ومثابرتك والتزامك ويجب الاستمرار في اتخاذ الإجراءات حتى لا تتمكن من إيقاف زخمك إلى الأمام».
وينصح الكاتب بفعل ما يرفضه الآخرون حتى تهيمن على قطاعك، عادّاً أن الخوف لا يخبرك فقط بما يجب عليك فعله، بل يخبرك متى تفعل ذلك، وهو الآن، لا يوجد خيار آخر سوى العمل، والقيام بذلك فقط.
ويقول إن تلقي النقد هو علامة على أنك في طريقك للنجاح، بغض النظر عن رأيك أو ما تفعله، ومن الأفضل تلقيه من الأشخاص الذين يشعرون بالغيرة تجاه نجاحك بدلاً من تلقيه من الآخرين الذين ينتقدونك لعدم اتخاذك الإجراءات الكافية.
ويرى جرانت كاردون أنه يجب أن يكون لديك أهداف مستحيلة تزيد من تفكيرك وأفعالك، إذ إن الالتزام بفعل شيء كبير مثل هذا سيكون مغامرة بحد ذاتها ولا بد من التركيز على هدف يجعل كل شخص على الكوكب يعرف عنك، عندما يكون هذا هو هدفك.
وستوجهك أفعالك لتحقق ذلك، بقدر جنون الهدف كما يجب أن تكون في كل مكان وعندما تتخذ 10 أضعاف الإجراءات باستمرار من أجل السيطرة على السوق، فإنك ستميل إلى الوجود في كل مكان، ويجب التفكير في الأحجام الصحيحة للعمل، وهذا التفكير الكبير هو ما ينقص معظم توقعات الناس.
ولو نظرنا إلى سياق النصائح المقدمة في الكتاب وقاعدة x10 لتحقيق النجاح نرى أن دولة الإمارات منذ تأسيسها كانت ولا تزال دولة لم تتوقف يوماً عن التغيير والتجديد وتطوير منظومة عمل شاملة ومتكاملة ذات رؤية مستقبلية للارتقاء بمجالات العمل والحياة كافة في الدولة بطموحات بلا حدود تواكب المتغيرات العالمية في المجالات كافة، تترجم ريادتها عالمياً.