أرست دبي مكانة عالمية لنفسها في تجارة العطور ونجحت بالتواجد في كافة الأسواق بأنواع جديدة وراقية من العطور التي أنتجت في الإمارة، وباتت مطلوبة لدى الكثير من العملاء، حتى العطور العربية منها، وهو ما تُرجم في حجم تجارة دبي الخارجية في عام 2018 حيث بلغ نحو 6.85 مليارات درهم، وفقاً لإحصاءات رسمية من دائرة الجمارك في دبي، وتوزعت على واردات بقيمة 3 مليارات درهم، وصادرات بقيمة 920 مليون درهم، وإعادة تصدير بقيمة 2.91 مليار درهم. أما المستهلكين في الإمارات فقد بلغ إنفاقهم على العطور 2.2 مليار درهم خلال عام 2018.
وتصنف سوق دبي كأهم وأكبر سوق في المنطقة، وهي سوق ناضجة وواعدة وقادرة على تحقيق مكاسب، وتحظى سوق العطور بثقة المشتري، سواء كان مواطناً أو مقيماً أو سائحاً، وخصوصاً أنه يدرك أن هذه السوق تتمتع برقابة تجارية عالية، كما أن العطور ومواد التجميل أصبحت من البضائع الرئيسة، وتعد جزءاً مهماً من الثقافة العربية.
وباتت دبي مركزاً تستقطب سوق العطور العالمية خلال السنوات الأخيرة فئات كبيرة من شرائح المستهلكين، ولا سيما أن حجم التجارة المطرد لهذه السوق عالمي، وليس محلياً أو عربياً فقط، ما أسهم في جذب العديد من الاستثمارات الضخمة، وضخ رجال الأعمال خلال السنوات الأخيرة المليارات في هذا القطاع الحيوي لتحقيق مكاسب كبيرة.
ومن ناحية أخرى، فإن العطور الخليجية التي كانت تحظى دائماً باهتمام الذوق العربي، أصبحت تستقطب الآن اهتمام قطاعات كبيرة من المستهلكين العالميين، بعد أن تم تحسينها، وتطويرها لتتناسب مع الذوق والمزاج العام لقطاع كبير من مستخدمي العطور.
وقد أظهر تقرير صادر عن قطاع التسجيل والترخيص التجاري في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، أن إجمالي عدد الرخص الفعالة في سوق العطور بدبي يصل إلى 12442 رخصة تضم نشاط «تجارة العطور ومستحضرات التجميل» وعددها 10905 رخص بنسبة 87.6%، ونشاط «تجارة العود والبخور والطيب» وعددها 1456 رخصة بنسبة 11.7%، ونشاط «صناعة العطور» وعددها 49 رخصة بنسبة 0.4%، ونشاط «خلط العطور وتعبئتها» وعددها 23 رخصة بنسبة 0.2%، ونشاط «صناعة العود والبخور والطيب» وعددها 9 رخص بنسبة 0.1%.
وتوزعت تلك الرخص على عدة أنشطة وجاء في مقدمتها الأنشطة التجارية بنسبة 98.4%، والمهنية 1.1%، ثم الصناعية 0.5%، ويصل إجمالي العمالة في سوق العطور إلى 53309 عمال.
وسلّط التقرير الصادر عن «خارطة الأعمال»، المنصة الرقمية المعلوماتية التابعة لاقتصادية دبي، الضوء على توزيع الرخص لأعلى عشر مناطق رئيسة في دبي، والتي شكلت نسبة 56.3% من إجمالي جميع المناطق، حيث جاءت منطقة نايف في المرتبة الأولى بنسبة 12%، ورقة البطين 10%، وعيال ناصر 7.7%، وبرج خليفة 6%، والضغاية 5.5%، والمرر 3.4%، وبور سعيد 3.1%، والسبخة 3%، والكرامة 2.9%، والرقة 2.7%.
وبالنسبة لتوزيع الرخص الفعالة في سوق العطور بدبي وفق الجنسيات، جاءت الهند في المرتبة الأولى، تلتها باكستان والصين وبريطانيا وبنجلادش ومصر ولبنان وأفغانستان والأردن والسعودية. ووصل عدد المستثمرين في سوق العطور إلى 25371 مستثمراً منهم 80% من رجال الأعمال و20% من سيدات الأعمال.
وتتمثل نقاط القوة الرئيسة لقطاع العطور في البنية التحتية والخدمات اللوجستية، والأسواق المحلية وأسواق التصدير وسهولة الحصول على المواد الخام والمهارات، وتتمثل أبرز التحديات التي تواجه القطاع في: المنافسة، والمهارات، وأسعار المواد الخام، وأسعار صرف العملات، وتأثير ارتفاع أسعار النفط والتمويل والعلامات التجارية.
وأشار تقرير اقتصادية دبي إلى أن العود يعد واحداً من أهم العطور العربيّة، والأكثر تفضيلاً بين آلاف أنواع العطور المتوافرة في السوق، إذ يفضل السكان في الإمارات والخليج عموماً، العطر التقليدي ذا القاعدة الزيتية، والذي يتم استخلاصه من خشب العود. وتعد سوق العطور مكملة لسوق الهدايا الفاخرة، لوجود العديد من أشهر العلامات التجارية الراقية في هذه السوق مثل الساعات، والإكسسوارات، والمصنوعات الجلدية.
وأكد محمد عبدالرحيم الفهيم الرئيس التنفيذي لباريس غاليري في الإمارات، أن سوق العطور شهدت آخر 5 سنوات حالة تنامٍ مستمر، والدليل هو معرض «عالم الجمال» في دبي والذي كان له حضور متميز هذا العام وخاصة تجارة العطور، وكان يميزه وجود أجنحة متعددة لدول العالم، حيث تصدرت معاقل الجمال الدائمة، فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا، المشاركة الأوروبية الدائمة هذا العام، وهذا يدل على نمو سوق صناعة العطور في الإمارات. وإضافة إلى ذلك العطور المتخصصة بعلامات إماراتية ودولية وتجارية خاصة، وعلامات لمواطنين إماراتيين يتم تصنيعها بأوروبا.
وقال الفهيم إننا ندعم الشباب الإماراتيين ولدينا عطور كثيرة لشباب مواطنين معروضة في باريس غاليري، وهناك محاولات وطنية ناجحة وإن 80% من تجارب الشباب كانت ناجحة، ونحن نساعدهم على التسويق والمبيعات واختيار الشكل والتغليف المناسبين.
بالنسبة للعطور وأسعارها، قال: نجد أن العامل الرئيس والذي يتحد على أساسه سعر العطر هو نوعية المواد المستخدمة فيه، وخاصة إذا ما كان الورد المستخدم منتجاً في هولندا، أو فرنسا، أو الولايات المتحدة، أي من الدول الأخرى، ليختلف من ثم السعر حسب نوعية المواد الخام، وتركيزها وثباتها بالمادة العطرية، والعامل الثاني هو الشكل أو الغلاف.
ونصح الفهيم من يشتري العطر بأن يجربه أولاً وينتظر فقط مدة نصف ساعة كأول استخدام ثم ينتظر درجة أخرى بعد نصف ساعة وهو ما يحدد ثبات العطر ونفاذيته، وليس شرطاً أن يكون العطر غالياً ليفضل استخدامه، بل يعتمد أولاً وأخيراً على مزاج الزبون.
وأشار الفهيم إلى أن أغلى قنينة عطر بلغ سعرها 210 آلاف يورو ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة ومنها المواد المستخدمة مواد نادرة ولم تعد موجودة، كما أنها وضعت في غلاف أو قنينة من الذهب والألماس، وفي النهاية الأمر حسب ذوق الزبون.