أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الرؤية التنموية الطموحة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية تجعل منها شريكاً مؤثراً في صياغة مستقبل الاقتصاد العالمي، مشيداً سموه بالمبادرات النوعية التي تتبناها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرامية إلى تحفيز الحوار البنّاء حول سبل تعزيز التعاون نحو اكتشاف مسارات جديدة لدفع جهود التنمية المستدامة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
جاء ذلك بمناسبة حضور سموه فعاليات اليوم الثاني لمنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار التي ينظمها “صندوق الاستثمارات العامة السعودي برعاية خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة من 23-25 أكتوبر الجاري في العاصمة السعودية الرياض بحضور عربي وعالمي كبير، حيث أثنى سموه على المستوى التنظيمي الجيد للمبادرة والذي يعكس مدى اهتمام المملكة بالموضوعات المطروحة للنقاش وحرصها على تهيئة المناخ الملائم لإنجاح أهدافه، مع استقطاب المبادرة في دورتها الثانية مشاركة نوعية تحدث خلالها لفيف من كبار المسؤولين العرب والأجانب حول طيف واسع من الموضوعات المعنية بمستقبل الاستثمار.
وأعرب سموه عن خالص التقدير والامتنان لما وجده الوفد الإماراتي الكبير الذي زاد عدد أعضائه على 150 من معالي الوزراء والرؤساء التنفيذين والمستثمرين ورجال الأعمال، من حسن استقبال وكرم ضيافة، في بلدهم الثاني السعودية، مؤكداً سموه عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتطابق وجهات نظر الجانبين حول متطلبات التطوير والتنمية خلال المرحلة المقبلة وفي مقدمتها الاهتمام بالاستثمار في دعم قدرات الشباب وتعزيز مشاركتهم وإمدادهم بمقومات التميز اللازمة لتمكينهم وتوظيف أحدث التقنيات في ترسيخ أسس التنمية المستدامة وصولاً إلى أرقى مراتب التميز في شتى المجالات.
وقد حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الجلسة الخاصة التي تحدث خلالها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في المملكة العربية السعودية، وضمت إلى جواره الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين، وسعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، وذلك ضمن أعمال اليوم الثاني لمنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يشارك في أعماله هذا العام أكثر من 150 متحدثاً من كبار الساسة والاقتصاديين والمستثمرين ورجال المال والأعمال ممثلين لأكثر من 140 جهة، بحضور أكثر من 4 آلاف شخصية جمعتهم أكثر من 35 فعالية من جلسات حوارية ومنتديات ولقاءات نقاشية مفتوحة وورش عمل متخصصة.
وقد أشاد ولي العهد السعودي خلال حديثه بالتجربة التنموية المتميزة التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي بدأت من دبي التي طرحت تصورا جديدا للتنمية الاقتصادية مغاير للنمط السائد في منطقة الخليج العربي لعقود والمتمثل في الاعتماد على الموارد النفطية كمصدر رئيس للدخل، منوها بالمشروع التنموي الفريد الذي قدمه قائد ذو رؤية مستقبلية متميزة وهو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي جعل من دبي نموذجا في تنويع مصادر الدخل بتشجيع وتنمية القطاعات الاقتصادية المتنوعة فيها.
واستعرض الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز خلال الجلسة العديد من الأرقام التي تشهد على التطور الكبير والإنجازات الملموسة التي حققها الاقتصاد السعودي خلال السنوات الثلاث الماضية والتي تضاعفت خلالها الموارد غير النفطية للملكة بنسبة ثلاثة أضعاف، حيث تشير التوقعات أن يتراوح النمو الاقتصادي في المملكة هذا العام ما بين 2.2% و2.5% وهبوط العجز في الميزانية من 9.3% العام الماضي إلى نحو 4.6% العام الجاري، في الوقت الذي من المتوقع أن تتجاوز فيه ميزانية المملكة العربية السعودية للعام القادم التريليون ريال سعودي، مع تزايد نسبة الإنفاق الرأسمالي، مؤكدا استمرار المملكة في تنفيذ مشاريعها التنموية الضخمة التي أعلنت عنها وصولا إلى تحقيق النتائج المرجوة ضمن شتى القطاعات، مع استمرار تحسّن ترتيب المملكة ضمن مؤشرات التنافسية العالمية.
وشدد الأمير محمد بن سلمان على مواصلة المملكة مسيرة التطوير والتحديث في المملكة ليس فقط في القطاع الاقتصادي ولكن أيضا ضمن كافة القطاعات الثقافية والاجتماعية، وبما يخدم تطلعات الشعب السعودي الذي وصفه بأنه شعب “جبار وعظيم” ولن يستطيع أحد أن يثنيه عن أهدافه التنموية الطموحة.
وأشاد ولي العهد السعودي بجهود التنمية الاقتصادية في المنطقة العربية والتي تشهد العديد من المشاريع التنموية الضخمة وما أتبعها من نتائج إيجابية قوية في الكويت والبحرين وسلطنة عمان، وكذلك في مصر ولبنان والأردن وغيرها من دول المنطقة التي تباشر حاليا العمل على تطوير قدراتها الاقتصادية، معرباً عن ثقته في أن منطقة الشرق الأوسط ستتمكن من تحقيق تقدم عالمي خلال السنوات الثلاثين القادمة لتكون “أوروبا” الجديدة، مؤكدا حرص المملكة على المشاركة بقوة والعمل بكل اجتهاد من أجل الوصول إلى هذا الهدف الاستراتيجي.
وبدأ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد البحريني حديثه بتوجيه الشكر لكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت لدعمهم للبحرين لتخطي كافة التحديات التي واجهتها خلال الفترة الماضية، وإيمانهم بما تحاول المملكة القيام به من إصلاحات وجهود تنموية ضمن شتى القطاعات، فيما تطرق لجهود المملكة في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة والعناصر التي ركزت عليها في هذا الخصوص لاسيما تنويع مصادر الدخل وهي السياسة التي آتت ثمارها بتحقيق القطاعات غير النفطية نموا قدر بحوالي 5% خلال العام الماضي، مستعرضا عددا من التدابير الاقتصادية التي ستعكف مملكة البحرين على تبنيها وتنفيذها خلال المرحلة المقبلة دعما لنمو اقتصادها في مرحلة باتت توجب الانتقال من الاقتصاد النفطي إلى الاقتصاد الرقمي.
وأثنى ولي عهد البحرين على الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ومتابعة ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وقال إن الإصلاحات التي تشهدها السعودية في الوقت الراهن لها مردودها الإيجابي الكبير على المنطقة العربية برمتها، واصفا المملكة بأنها محرك النمو الأساسي في المنطقة.
من جانبه، استعرض دولة سعد الحريري جهود الإصلاح الجارية في لبنان الذي يستعد لتشكيل حكومته الجديدة والتي من المنتظر أن يتم الكشف عنها خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أنه على الرغم من التحديات التي تواجهها بلاده في المرحلة الراهنة، إلا أن العزم أكيد على تحقيق الإصلاحات المنشودة والتي تواكب تطلعات الشعب اللبناني وتلبي احتياجاته.
وأكد رئيس الوزراء اللبناني خلال الجلسة التي حضرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن لبنان ماضية بقوة في مسيرة الإصلاح والتي باتت تتطلب أكثر من أي وقت مضى مراجعة التشريعات والقوانين بصورة تمكن من التصدي للفساد بكافة صورة وأشكاله، مؤكدا أن الحكومة اللبنانية القادمة ستكون حكومة عمل وستحظى بثقة المواطن اللبناني، وستكون صورة عن مجلس النواب الجديد الذي أقر كافة الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها، منوها بأن التشكيل الوزاري الجديد سيضم تكنوقراط كما سيشهد مشاركة واسعة للمرأة اللبنانية التي أشاد بجدارتها بتحمل المسؤولية ما يستدعي منحها مكانتها المستحقة في مضمار العمل الحكومي في بلاده.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد قام بجولة في مقر منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار المُقام في “مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات” بالعاصمة الرياض، حيث شاهد سموه الجدار الرقمي وهو عبارة عن شاشة تفاعلية لمحركات البحث العالمية، و”جدار الطاقة” الذي يوفر كافة المعلومات للمشاركين حول المنتدى وفعالياته المختلفة على مدار فترة انعقاده.
كما شملت جولة سموه في مقر المنتدى زيارة المعرض المصاحب والذي شاهد من خلاله سموه مشروع تقني شارك في تنفيذه مجموعة من الطلبة الإماراتيين وهو عبارة عن مجسم لخارطة الحمض النووي، في حين اطلع سموه كذلك على النسخة الإلكترونية التفاعلية من الكتاب السنوي لمنتدى مبادرة مستقبل الاستثمار.
رافق صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي خلال الجولة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات، ومعالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، ومحمد الشيباني، مدير ديوان صاحب السمو حاكم دبي، وخليفة سعيد سليمان، مدير عام دائرة التشريفات والضيافة بدبي، ومحمد علي العبار، رئيس مجلس إدارة اعمار العقارية، وعبدالله أحمد الحباي، رئيس دبي القابضة رئيس مجموعة مراس.
يُذكر أن أعمال اليوم الثاني من منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار قد شملت مناقشة طيف واسع من الموضوعات المهمة من بينها: دور الرؤساء التنفيذيين العالميين في دعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وإمكانية تحويل العالم العربي إلى قوة اقتصادية عالمية، ومستجدات التجارة العالمية لاسيما مع ظهور العملة الرقمية ومدى إسهام تقارب المال والبيانات في تغيير قواعد التجارة.
وقد حاولت مناقشات المنتدى التوصل إلى إجابات شافية لمجموعة من التساؤلات المهمة حول موضوعات وثيقة الصلة بمستقبل الاستثمار ومنها الكيفية التي من الممكن أن يسهم بها النمو السريع وزيادة مستوى الاتصال في تغيير السلوك الاستهلاكي، ومدى إمكانية التنبؤ بمستقبل أسواق رأس المال العالمية، والعلاقة بين القطاعان العام والخاص وعما إذا كان التفوق سيكون من نصيب الملكية الخاصة أم الأسواق العامة في المستقبل، كيف سيقود التحول الاقتصادي عبر قارة أفريقيا النمو والاستثمار الدوليين.
وتطرقت حوارات “مبادرة مستقبل الاستثمار” إلى مجموعة من الموضوعات ذات الصلة بآفاق التنمية الاقتصادية والمدرجة ضمن ثلاثة محاور رئيسة هي: الاستثمار في التحوّل، والتقنية كمصدر للفرص، وتطوير القدرات البشرية، حيث تم استعراض دور الاستثمار في دفع مجالات النمو، ورفع مستوى الابتكار وكذلك دوره في مواجهة التحدّيات العالمية.