أما قبل :
شهد مجتمعنا خلال العقود الأربعة الأخيرة تيارين متضادين موغلين في التطرف ، تيار ماكان يسمى بـ ( الصحوة ) خلال الثمانينيات الميلادية ، وتحديداً عقب حادثة جهيمان ، والذي أفرز جيلاً متطرفاً دينياً , الأمر الذي أدى الى ظهور تيار مضاد تمثّل في ( الليبرالية ) مطلع هذا القرن ، والذي بدوره أنتج جيلا منحلاً متحرراً من كل ماهو عقدي وأخلاقي ، وكان ضحية هذين التيارين المراهقون والمراهقات ، منهم من أصبح تكفيرياً ، ومنهم من بات ملحداً ، ومنهم من هو على استحياء ولازال يتحيّن الفرص .
• وبعد :
قليلا ، بل نادراً ماكنا نسمع عن تمرد فتيات وهروب مراهقات سعوديات إلى الخارج ، وان سمعنا فبداعي الدين ، للإنضمام إلي جماعات جهادية في دول مجاورة تشهد صراعات عسكرية , واليوم نسمع ونرى تمرداً ولكن من نوع أخر , هروب فتيات إلي دول أجنبية , وبقاء أخريات بعد انتهاء ابتعاثهن بداعي الدين أيضا ، لكن نفوراً منه ، ويلجأ عادة أولئك الهاربات الى اعلان ارتدادهن ، فمنهن من أعلنت تنصّرها ، ومنهن من جاهرت بإلحادها ، ومن ثمّ يبدأن في الترويج لقصصهن عبر وسائل إعلام الدول التي يلجأن إليها ، في محاولة منهن لإثبات أن هروبهن له مبرراته ، وإظهار أن حياتهن في خطر لكسب تعاطف الجمعيات النسائية والحقوقية ، كمحاولة لضمان الحصول على حق اللجوء ، ولعلمهن بأن الإعلام الغربي يعتبر هروب فتاة سعودية أو طلبها اللجوء مادة قوية وجذابة لمشاهديه ، ومن ثمّ تقوم تلك الوسائل الاعلامية المغرضة بالتعهد لهن بتبني قصصهن ودعمهن للحصول على حق اللجوء مقابل الحصول منهن على لقاءات , ومثل هذه الحوادث وان كانت قليلة ، إلا أنها تعطي دلالات سلبية لأُسر تلكم الفتيات الهاربات وللمجتمع والدولة ، خصوصاً أن الإعلام الدولي ومواقع التواصل الاجتماعي يركزان وبشكل مكثف على مثل هذه الإخبار المتعلقة بالمجتمع السعودي ، والأمر لايحتاج إلى مجهر، فالمنظمات الدولية تتعامل مع السعودية بمعايير مختلفة عن غيرها ، لأسباب لانجهلها , الدينية منها والسياسية .
وبالعودة الى التمرد الذي بات هاجس تلكم المراهقات , نلحظ أنه ليس تمرداً على مستوى فتيات تأثرن بفكرة غربية , أو أعجبن بسلوك مستورد من مجتمعات لاتمت إلى الدين ولا الى الضوابط الاجتماعية ولا إلى التقاليد الموروثة بصلة , أوعلى مستوى مجموعات تبنت فكرة أو نظرية فلسفية معينة في ميدان من ميادين الثقافة ، عقائدية كانت أو اجتماعية , أوغيرها من النظريات التي يطرحها ملحدون ومفكرون غير إسلاميين ، أودعاة تنوير كما يسمون أنفسهم سعوديين وغيرسعوديين , إنما هي أفكار ونظريات وأجندات غُرست في عقولهن غرساً ، كل ذلك من أجل التغيير الفكري ومسح القيم , وهدم بنية الأسرة كونها الوحدة الأساسية في بناء وتكوين ثقافة المجتمع , فسعى كل أولئك بعد أن فشلت كل أسلحتهم ودعواتهم المضللة وهجماتهم الهمجية , إلى استخدام سلاح جديد ، فعمدوا إلى أصحاب النفوس الضعيفة , وحملة الأفكار المريضة بسلاحهم الجديد ( التمرد ) ، واستخدامه كمعول هدم لبنية المجتمع ، ولا ننسى التأثر بعادات وتقاليد الغرب المستوردة عبر الفضائيات وشبكة الانترنت وبرامج التواصل وما تطرحه من سلوكيات منحرفة وشبهات كثيرة تشرّبنها فسبحن ضد التيار , وكسرن القواعد , متخذات من انحرافهن وسيلة لتأكيد الشعور بالقوة ، أو محاولةً للتعويض عن الضعف الداخلي الحقيقي أو المتخيل .
هؤلاء هن من يمكن أن نطلق عليهن متمردات مزيفات ، يتمردن من أجل التمرد فقط ، لأسباب وعقد نفسية ، ومن أجل إشباع نفوس مريضة , واستجابة لعقد نقص متجذرة في شخصياتهن ،
فالمتمردة المراهقة كالطفل العنيد ، لا يردعها عن العناد أو يجعلها تخفض من غلواء تمردها أي قدر من العقاب أو التوبيخ , بل يكثف كل ذلك لديها سلوك التحدي ، خاصة متى ماعلمنا أن المتمردات يتحركن نفسياً بواسطة شعور زائف بالتفوق ، نظرا لشعورهن بالعجز المرضي النابع من تجارب قاسية في مرحلةٍ ما من مراحل حياتهن , ويمكن رؤية تمردهن كآلية تعويضية ، وهذا الفهم للشعور ربما يدفع الى شفقة البعض عليهن , والتعاطف معهن . كونهن مريضات نفسيا .
لم يتبق سوى القول : أن أولئك الهاربات المنبهرات بالغرب لسن سوى رقم في معادلة من شجعن على الهروب ، وأداة نفعية يتعاملون معهن بشكل مادي شهواني ، فالليبرالية الغربية لم تنصف المرأة هناك ، بل أخرجتها من قهر عانت منه طويلاً إلى قهر أشد منه ، فتحولت من كائن مهمل مهضوم الحق ، إلى كائن مستغل نفسياً وجسدياً ومادياً ، وهو المسار ذاته الذي يريدونه لهن .
شهد مجتمعنا خلال العقود الأربعة الأخيرة تيارين متضادين موغلين في التطرف ، تيار ماكان يسمى بـ ( الصحوة ) خلال الثمانينيات الميلادية ، وتحديداً عقب حادثة جهيمان ، والذي أفرز جيلاً متطرفاً دينياً , الأمر الذي أدى الى ظهور تيار مضاد تمثّل في ( الليبرالية ) مطلع هذا القرن ، والذي بدوره أنتج جيلا منحلاً متحرراً من كل ماهو عقدي وأخلاقي ، وكان ضحية هذين التيارين المراهقون والمراهقات ، منهم من أصبح تكفيرياً ، ومنهم من بات ملحداً ، ومنهم من هو على استحياء ولازال يتحيّن الفرص .
• وبعد :
قليلا ، بل نادراً ماكنا نسمع عن تمرد فتيات وهروب مراهقات سعوديات إلى الخارج ، وان سمعنا فبداعي الدين ، للإنضمام إلي جماعات جهادية في دول مجاورة تشهد صراعات عسكرية , واليوم نسمع ونرى تمرداً ولكن من نوع أخر , هروب فتيات إلي دول أجنبية , وبقاء أخريات بعد انتهاء ابتعاثهن بداعي الدين أيضا ، لكن نفوراً منه ، ويلجأ عادة أولئك الهاربات الى اعلان ارتدادهن ، فمنهن من أعلنت تنصّرها ، ومنهن من جاهرت بإلحادها ، ومن ثمّ يبدأن في الترويج لقصصهن عبر وسائل إعلام الدول التي يلجأن إليها ، في محاولة منهن لإثبات أن هروبهن له مبرراته ، وإظهار أن حياتهن في خطر لكسب تعاطف الجمعيات النسائية والحقوقية ، كمحاولة لضمان الحصول على حق اللجوء ، ولعلمهن بأن الإعلام الغربي يعتبر هروب فتاة سعودية أو طلبها اللجوء مادة قوية وجذابة لمشاهديه ، ومن ثمّ تقوم تلك الوسائل الاعلامية المغرضة بالتعهد لهن بتبني قصصهن ودعمهن للحصول على حق اللجوء مقابل الحصول منهن على لقاءات , ومثل هذه الحوادث وان كانت قليلة ، إلا أنها تعطي دلالات سلبية لأُسر تلكم الفتيات الهاربات وللمجتمع والدولة ، خصوصاً أن الإعلام الدولي ومواقع التواصل الاجتماعي يركزان وبشكل مكثف على مثل هذه الإخبار المتعلقة بالمجتمع السعودي ، والأمر لايحتاج إلى مجهر، فالمنظمات الدولية تتعامل مع السعودية بمعايير مختلفة عن غيرها ، لأسباب لانجهلها , الدينية منها والسياسية .
وبالعودة الى التمرد الذي بات هاجس تلكم المراهقات , نلحظ أنه ليس تمرداً على مستوى فتيات تأثرن بفكرة غربية , أو أعجبن بسلوك مستورد من مجتمعات لاتمت إلى الدين ولا الى الضوابط الاجتماعية ولا إلى التقاليد الموروثة بصلة , أوعلى مستوى مجموعات تبنت فكرة أو نظرية فلسفية معينة في ميدان من ميادين الثقافة ، عقائدية كانت أو اجتماعية , أوغيرها من النظريات التي يطرحها ملحدون ومفكرون غير إسلاميين ، أودعاة تنوير كما يسمون أنفسهم سعوديين وغيرسعوديين , إنما هي أفكار ونظريات وأجندات غُرست في عقولهن غرساً ، كل ذلك من أجل التغيير الفكري ومسح القيم , وهدم بنية الأسرة كونها الوحدة الأساسية في بناء وتكوين ثقافة المجتمع , فسعى كل أولئك بعد أن فشلت كل أسلحتهم ودعواتهم المضللة وهجماتهم الهمجية , إلى استخدام سلاح جديد ، فعمدوا إلى أصحاب النفوس الضعيفة , وحملة الأفكار المريضة بسلاحهم الجديد ( التمرد ) ، واستخدامه كمعول هدم لبنية المجتمع ، ولا ننسى التأثر بعادات وتقاليد الغرب المستوردة عبر الفضائيات وشبكة الانترنت وبرامج التواصل وما تطرحه من سلوكيات منحرفة وشبهات كثيرة تشرّبنها فسبحن ضد التيار , وكسرن القواعد , متخذات من انحرافهن وسيلة لتأكيد الشعور بالقوة ، أو محاولةً للتعويض عن الضعف الداخلي الحقيقي أو المتخيل .
هؤلاء هن من يمكن أن نطلق عليهن متمردات مزيفات ، يتمردن من أجل التمرد فقط ، لأسباب وعقد نفسية ، ومن أجل إشباع نفوس مريضة , واستجابة لعقد نقص متجذرة في شخصياتهن ،
فالمتمردة المراهقة كالطفل العنيد ، لا يردعها عن العناد أو يجعلها تخفض من غلواء تمردها أي قدر من العقاب أو التوبيخ , بل يكثف كل ذلك لديها سلوك التحدي ، خاصة متى ماعلمنا أن المتمردات يتحركن نفسياً بواسطة شعور زائف بالتفوق ، نظرا لشعورهن بالعجز المرضي النابع من تجارب قاسية في مرحلةٍ ما من مراحل حياتهن , ويمكن رؤية تمردهن كآلية تعويضية ، وهذا الفهم للشعور ربما يدفع الى شفقة البعض عليهن , والتعاطف معهن . كونهن مريضات نفسيا .
لم يتبق سوى القول : أن أولئك الهاربات المنبهرات بالغرب لسن سوى رقم في معادلة من شجعن على الهروب ، وأداة نفعية يتعاملون معهن بشكل مادي شهواني ، فالليبرالية الغربية لم تنصف المرأة هناك ، بل أخرجتها من قهر عانت منه طويلاً إلى قهر أشد منه ، فتحولت من كائن مهمل مهضوم الحق ، إلى كائن مستغل نفسياً وجسدياً ومادياً ، وهو المسار ذاته الذي يريدونه لهن .